[b]الوقت:
في جميع الأديان السماوية والمثل والنظريات الإنسانية كانت الأم تستحوذ على مكانة اثيرة لا يقاربها فيها احد ولا يتفوق فيها عليها احد الا الأنبياء، واقترن بر الوالدين في نصوص عديدة بالإيمان وسمو الأخلاق وحسن الصفات، وقد صور البعض الأم بأنها الحنان والجنان والأمان، وصورها آخرون انها الوجدان والحب في انقى صوره، وصورتها الحياة انها حافظة النوع ومحل التجدد والاستمرار، وصورها كثيرون انها العطاء، والطهارة بأبهى صورة، صورت بصور شتى، وعلى الأغلب لم يخطئ احد ممن رسموا تلك الصور والمفاهيم السامية والعذبة عن الأمومة، فهي كل تلك الأوصاف والمفاهيم النبيلة..
فما حكاية عيد الأم الذي أصبح عيدا للأسرة في العالم كله ؟
ثمة اختلاف في تحديد يوم عيد الام او تاريخه وكذلك اختلاف عاداته بين شعوب العالم الا ان ثمة اتفاق على بعض الروايات .. هذه بعض حكايات هذا العيد ..
بدأت عادة تكريم الامهات فيما مضى منذ آلاف السنين مع بداية نسج الاساطير بأن هناك إلها وإلهة قاما بتحريك قرص الشمس في السماء، وجعلا النجوم تتلألأ ليلا، واضيفت اقاويل لهذه الاسطورة سنة بعد سنة .
ويزعم بعض المؤرخين أن عيد الأم كان قد بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم ‘’ريا’’ زوجة ‘’كرونس’’ الإله الأب، وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات كان لعبادة أو تبجيل ‘’سيبل’’ -أم أخرى للآلهة. وقد بدأت الأخيرة نحو 250 سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام؛ وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى ‘’هيلاريا’’ وتستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 مارس/ آذار وتجلب الهدايا وتوضع في المعبد حتى تبعث السرور على نفس امهم المقدسة. وبمجيء المسيحية اصبح الاحتفال يقام على شرف (الكنسية الأم) في الاحد الرابع من الصوم الكبير عند الاقباط ويتم شراء الهدايا كل لكنيسته التي تم تعميده فيها .
وهو يوم شبيه باحتفالات عيد الأم الحالية، ولكنه كان يسمى أحد الأمهات أو أحد نصف الصوم، لأنه كان يُقام في فترة الصوم الكبير عندهم، والبعض يقول إن الاحتفالات التي كانت تقام لعبادة وتكريم ‘’سيبل’’ الرومانية بُدِّلت من قبل الكنيسة باحتفالات لتوقير وتبجيل مريم عليها السلام، وهذه العادة بدأت بحَثِّ الأفراد على زيارة الكنيسة التابعين لها والكنيسة الأم محمَّلين بالقرابين، وفي العام 1600 بدأ الشباب والشابات ذوو الحرف البسيطة والخادمون في زيارة أمهاتهم في ‘’أحد الأمهات’’ مُحمَّلين بالهدايا والمأكولات، هذا عن انجلترا أما عن الولايات المتحدة الأميركية فكانت هناك قصة أخرى.
العصور الوسطى شكل آخر
وبدأ في العصور الوسطى شكل اخر من الاحتفالات . ارتبط هذا الشكل الجديد عند غياب العديد من الأطفال عن اسرهم للعمل وكسب قوت يومهم وكان من غير المسموح لهم بأخذ اجازات الا مرة واحدة في العام وهو الاحد الرابع من الصوم الكبير، يعود فيه الابناء الى منازلهم لرؤية امهاتهم وكان يطلق عليه أحد الامهات.
وعندما غزا المستعمرون اميركا لم يكن هناك وقت للاحتفال بالعديد من المناسبات لذلك تم التوقف عن الاحتفال بأحد الامهات في عام 1872 .وكانت العودة للاحتفالات مرة اخرى على يد الكاتبة المشهورة جوليا ورد وهو ا لاحتفال الخاص بعيد الام وعلى الرغم منه لم يأخذ اقتراحها هذا بشيء من الجدية الا انه كانت هناك محاولات عدة من اشخاص اخرين تدعم وتنادي بفكرة هذا الاحتفال ومنهم المعلمة ماري ساسين باقتراحها ان يقوم الطلاب بإعداد برنامج موسيقي لأمهاتهم من كل عام للاحتفال بهن .
آنا جارفس: (1864-1948) التي لم تتزوج ابدا
هي صاحبة فكرة ومشروع جعل يوم عيد الأم إجازة رسمية في الولايات المتحدة، فهي لم تتزوج قط وكانت شديدة الارتباط بوالدتها، وكانت ابنه للدير، وتدرس في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة النظامية ‘’أندرو’’ في جرافتون غرب فرجينيا، وبعد موت والدتها بسنتين بدأت حملة واسعة النطاق شملت رجال الأعمال والوزراء ورجال الكونجرس؛ لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية في البلاد، قامت الكنيسة بتكريم الآنسة آنا جارفس في جرافتون غرب فرجينيا وفلادلفيا وبنسلفانيا في العاشر من مايو 1908 مايو/ أيار، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الأم في الولايات المتحدة .وكان القرنفل من ورود والدتها المفضلة وخصوصًا الأبيض ؛ لأنه يعبر عن الطيبة والنقاء والتحمل والذي يتميز به حب الأم، ومع مرور الوقت أصبح القرنفل الأحمر إشارة إلى أن الأم على قيد الحياة، والأبيض أن الأم رحلت عن الحياة .
وأول إعلان رسمي عن عيد الأم في الولايات المتحدة كان غرب فرجينيا ولاية أوكلاهوما سنة ,1910 ومع عام 1911 كانت كل الولايات المتحدة قد احتفلت بهذا اليوم، ومع هذا الوقت كانت الاحتفالات قد دخلت كلاً من المكسيك، وكندا، والصين، واليابان، وأميركا اللاتينية وأفريقيا ، ثم وافق الكونجرس الأميركي رسميًّا على الإعلان عن الاحتفال بيوم الأم، وذلك في العاشر من مارس/ اذار مايو/ أيار سنة,1913 وقد اختير يوم الأحد الأول من شهر مايو/ ايار للاحتفال بعيد الأم .
عيد الأم العربي.. مصطفى وعلي أمين
بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم العربي في مصر على يد الأخوين ‘’مصطفى وعلي أمين’’ مؤسسي دار أخبار اليوم الصحفية.. فقد وردت إلى علي أمين ذاته رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل.. وتصادف أن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه.. وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترمَّلت وأولادها صغار، فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير ‘’فكرة’’ يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة لفضلها، وأشارا إلى أن الغرب يفعلون ذلك، وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط، لكن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وشارك القراء في اختيار يوم 21 مارس/ آذار ليكون عيدًا للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.. واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 مارس/ آذار سنة .1956